القينا شادي….
قديش هاي الحياة بتحتاج منّا تفكير؟ كتير بفكر كيف أحيااً ممكن نعمل إشي بسيط، خفيف ولطيف، يساعدنا نتجاوز مواقف صعبة بنمرّ فيها—خصصاً لما نكون تعبانين أو زعلانين… آه صح! نسيت أحكيلكم مين أنا.
أنا الدكتور كِشك أبو لبن، أخصائي صناعة المناسف وعالِم في الرياضيات، وبحب الطبيخ والأرقام كتير كتير، كل أسبوع بزور المستشفى لأتعرف على أطفال جداد بحياتي—نلعب، نضحك، نحكي، ونرسم السعادة سوا.
اليوم بدي أحكيلكم عن موقف بسيط صار معي، بس ترك أثر كبير عليّ كمهرّج طبي، وكإنسان قبل كل شي.
بحكم شغلي، أنا بزور الأطفال بالمستشفيات وبنشر الضحك والفكاهة بينهم، بروح دايماً متحمّس أحمل طاقة وفرح، وفي يوم من الأيام، توجهت أنا وزميلي عوض كبسة على المستشفى، وبلشنا "جولة السعادة".
في كتير أطفال بضلّوا بذاكرتي بعد زياراتي، بس في هاي الزيارة… في طفل واحد ظل محفور بقلبي: شادي.
شادي طفل لطيف وبشوش… وما بيقدر يتحرك، لما دخلت الغرفة شفته قاعد على التخت، بطلع عليّ بطرف عينه وبيضحك، بلشت أحكي وهو مبتسم طول الوقت، وفجأة خطر عبالي أغنيله أغنية فيروز:
(من زمان، وأنا وصغيرة، كان في صبي يجي من الحراش… ألعب أنا وياه… كان اسمو شادي)
غنّيت، وشادي كان مستمتع، بيسمع بكل تركيز، وابتسامته عم تكبر لأنه سمع اسمه بالأغنية، ومع الوقت صار يصفق ويضحك، وزميلي كان يعلّمه حركات مضحكة، وأنا مكمل بالغِنى ومكيف على تفاعله.
للأسف، شادي عنده ضمور عضلات، وما كان قادر يحكي ولا كلمة، بس كنت أعرف إنه سامعني منيح… كل ما يبتسم كان يفتح تمّه وتبان سنانه مثل حبّات اللولو، مصفّطات جنب بعض. ابتسامته كانت ساحرة.
أنا كمان حسّيت بالسعادة لأني كنت معاه، بنفس المكان، بنفس اللحظة.
كمهرّج طبي… يمكن ما يعرف الناس قديش إحنا كمان بحاجة للسعادة، تمامًا زي الأطفال، ضحكتهم هي مصدر إلهامي، والسبب اللي بخلّيني أرجع كل مرة أحمل الفرح لقلوبهم… ولقلبي أنا كمان.
مش قادر أوصف قديش ابتسامة شادي كانت جميلة. ضلّيت طول النهار أتذكرها وأغني:
(كان في صبي يجي من الحراش… ألعب أنا وياه… كان اسمو شادي).