ضحكة 3D…
كان متمدد على سريره، وجهه أصفر وشاحب، وفي إيده مثبتة الإبرة اللي بتمرّر جرعة الكيماوي لجسمه التعبان، أمه قاعدة على الكرسي جنبه، عيونها مليانة حزن وقلق، يحيى، طفل عمره 14 سنة، بعاني من السرطان… وهو الوحيد لأهله.
هاي المعلومات مهمّة إلي قبل الزيارة، لأنها بتزيد إصراري إني أنجح بمهمتي: إني أخلي هالطفل الحزين يصير سعيد ولو شوي، أخفف عنه الألم بضحكة، بلحظة، بموقف يضلّ عالق بذاكرته… والأهم بداخل مشاعره، يحسّ إنه في ناس بتحبه، في ناس جايين بس ليخلّوه يضحك، هو وباقي الأطفال المرضى.
من أول ما دخلنا الغرفة، كان الاستغراب واضح على وجه يحيى وأمه، بسماتهم الصغيرة بلشت تطلع بس لسا في سؤال بعيونهم: مين هدول؟ شو بعملوا هون؟
ما استنيت حدا يسأل. فوراً قلت له:
"مرحبا! معك الدكتورة سوسنة… وهادا زميلي الدكتور فريد طنّة ورنّة!"
ضحك يحيى… وبلشت جرعة العلاج: جرعة الضحك.
الدكتور فريد شاطر بالشعر والقصايد، فقررنا نعمل قصيدة خاصة ليحيى:
"يحيى يا يحيى… لما بشوفك بصير أحلى،
يحيى يا يحيى… إنشالله بتطلع وبتروح رحلة."
والضحك بلش يزيد… شوي شوي صوت ضحكات يحيى عم يعبّي الغرفة، وصوت ضحكة أمه صار أعلى وأقرب للراحة.
الممرضة دخلت تشوف شو اللي بصير… وأخدت نصيبها من جرعة الضحك كمان.
كل ما حاولنا نضحّكهم أكتر… كنا إحنا نضحك من جوا أكثر.
صرنا نلعب… نلعب مثل طفل صغير مبسوط بهدية جديدة.
وهدية اليوم كانت: ضحكة يحيى، وضحكة أمه، وضحكة الممرضة.
أنا كمهرّجة طبية… سميت زيارة اليوم:
"ضحكة 3D" – ثلاثية الأبعاد.
ضحكة يحيى.
ضحكة أمه.
وضحكة الممرضة.
كانت من أجمل الزيارات بالنسبة إلي… خصوصاً لما أتذكر وجه يحيى كيف كان أصفر وشاحب، وكيف صار مورّد وبيضحك لما تركنا الغرفة.
شكراً يا أنفي الأحمر… لأنك كل يوم بتخلق معجزة صغيرة.