أغنية من مسافة صفر
،يومٌ مثل باقي الأيام، جهّزتُ نفسي وانطلقتُ إلى المستشفى لزيارة الأطفال المرضى ولنشر الضحك والفكاهة بينهم، وفي طريقي إلى هناك كنتُ في غاية السعادة والحماس، وخصوصاً لأنني كنتُ أتساءل كيف ستكون ردّة فعل الأطفال عندما يروننا.
وصلتُ إلى المكان وارتديتُ الزيّ الخاص بـ(دكتورة نقطة بنت بطة)، ثم بدأتُ أتجوّل في الممر وأدخل عدّة غرف، إلى أن وصلنا إلى غرفة معروفة بأنّ طفلتها تعاني من حالة نفسية صعبة وترفض الاختلاط بأيّ أحد، لا أنكر أنّني توتّرتُ قليلاً، خصوصاً بعد أن سمعتُ مراراً أنّني لن أنجح في مهمتي، لكن رغم ذلك كنتُ مُصمّمة على الاقتراب منها أكثر فأكثر.
قبل دخول الغرفة، سألنا أمّها عن أكثر أغنية تحبّها، دخلنا الغرفة وكانت أغنيتها المفضلة تصدح:
(والغزالة رايقة… والناس الحلوة سايقة… يا سيدي يا جماله، ما له؟ ضغط كتير عليه).
ابتسمت لنا، فاقتربنا منها أكثر فأكثر.
ثم جاء المقطع الآخر:
(ما تقرب مني حبّة حبّة… لا لِسّا… شوية حبّة).
وقع الشال الأحمر من يدي، فاستأذنتها أن أقترب قليلًا لألتقطه، وفعلاً سمحت لي.
وتابعت الأغنية:
(طب وحياة المحبّة… مدام جيت جنبي خلاص خلّيني).
في البداية رفضت الحديث معنا، فقررت أن أمثّل أننا أنهينا زيارتنا وأننا سنخرج من الغرفة، وما إن وصلنا إلى الباب حتى نادت بصوت عالٍ:
"دكتورة نقطة!"
ركضتُ نحوها مثل البطة، وعدنا من البداية نغنّي سويّاً من مسافة صفر:
(والغزالة رايقة… والناس الحلوة سايقة).