نور في آخر الممر...
توجهتُ أنا الدكتورة تفّاحة اللماحة والدكتورة عريضة الخفيفة إلى مستشفى المطلع لزيارة الأطفال المرضى هناك، ولننشر السعادة والضحك بينهم.
أول ما دخلنا المستشفى، ما سمعنا أي صوت… كان المكان هاد جداً. سرنا في الممر نحو أول غرفة، وكانت غرفة نور.
نور طفلة بتعاني من شلل في جسمها، كانت خارجة من عملية ومتعبة جداً، بالكاد صاحية، حكينا معها شوي، وحسّينا قديش موجوعة وما قدرت تتجاوب معنا، فقررنا نتركها ترتاح قليلًا، وتوجّهنا لباقي الغرف… لعبنا وضحّكنا الأطفال، وكانت الأجواء مليانة طاقة.
ورجعنا لنور… لأنه مستحيل ننساها، ولأنه بنعرف قديش كانت بحاجة لجرعة ضحك تخفف عنها ولو شوي.
أم نور حكتلنا إنه نور بلشت تصحصح، بس مش قادرة تتحرك أو ترفع حالها، وقالت إنها بتحب أغنية:
"وينها نور وينها نور؟
هيها هون هيها هون.
شو عم بتساوي نور؟
قاعدة عالسَجْلون."
بلشنا نغنيلها بصوت هادي وناعم… شوي شوي، بلشت نور تحاول ترفع حالها وترقص.
عطيتها خرخيشة بإيدها، وصارت تهزّها وإحنا نغني.
صرنا مثل فرقة صغيرة لطيفة… فيها هدوء وتناغم وضحكة خفيفة.
وغنّينا كمان لها:
"بيتك يا عصفورة… وين ما بشوفِك غير بتطيري،
ما عندِك غير جناحين… احكي لنا كلمة صغيرة."
بعد شوي، نور صحصحت تماماً، عرفت مين إحنا وتفاعلت معنا بكل حماس… ضحكت، وعيونها تلمع، وحسّت إنها جزء منّا.
كان إنجاز حقيقي إنها رغم كل التعب… شاركتنا الأغاني، وكل شوي تطلّ علينا كأنها بتقول: لا تروحوا… خليكم هون.
حاولت تشارك بكل تفاصيل الزيارة… تستعيد طاقتها ونورها.
وهون، حسّينا إنه فعلاً… في نهاية الممر كان في نور.
نور الأمل رجع لنور.
وإلنا كمان… تذكّرنا إنه الضحكة بتصنع معجزات، مهما كان التعب كبير.